قبل أن أبدأ، دعوني أقول إن فيلم المادة تجربة سينمائية لا تُنسى. قد
يكون من الصعب استيعاب كل ما يحمله فيلم المادة The Substance 2024 من أفكار ورسائل بعد مشاهدته،
لكنه بالتأكيد فيلم يستحق النقاش. في زمنٍ تفتقر فيه الإصدارات السينمائية إلى الإثارة،
يأتي هذا العمل كجرعة مكثفة من الجرأة الفنية. إنه مزيج بين الجمال البصري والتعليقات
الاجتماعية الحادة التي لا تخشى المجازفة.
قصة فيلم
المادة The Substance 2024: رحلة
بين الشباب والشيخوخة
تدور أحداث فيلم المادة The Substance 2024 حول إليزابيث سباركل (تؤدي
دورها ببراعة ديمي مور)، نجمة برامج التمارين الرياضية التي تجد نفسها مرفوضة من مجتمع
يعشق الشباب. بعد أن فقدت وظيفتها على شاشة التلفاز بسبب بلوغها الخمسين، تكتشف مادة
غامضة تُسمى "The Substance" تمنحها فرصة لاستعادة شبابها. المادة تُنتج نسخة شابة منها تُدعى
"سو" (مارغريت كوالي)، لكن الأمر ليس بهذه البساطة؛ إذ يتوجب عليهما تبديل
الأدوار أسبوعياً. مع تصاعد الأحداث، تتحول العلاقة بين إليزابيث وسو إلى صراع نفسي
وجسدي من أجل السيطرة.
رسائل حادة في قالب بصري مذهل
يبرز فيلم المادة The Substance 2024 بشكل صريح قضايا المجتمع المعاصر
مثل الهوس بالشباب والجمال، وضغوط معايير الجمال المستحيلة. ينجح الفيلم في نقل هذه
الرسائل عبر لقطات تصويرية أخّاذة ومُعبرة. واحدة من المشاهد اللافتة تُظهر نجم إليزابيث
على ممر الشهرة في هوليوود وهو يتشقق مع مرور الوقت، في استعارة قوية لتلاشي الشهرة
والجاذبية. كذلك، تُبرز الكاميرا التباين بين عالم إليزابيث المظلم والكئيب، وعالم
سو المُشرق والمليء بالحياة، مما يعكس كيف ينظر المجتمع إلى الشباب مقابل الكبار.
الإلهام السينمائي والرمزية
من الواضح أن المخرجة كورالي فارغيت تأثرت بأعمال عمالقة السينما مثل
ديفيد كروننبرغ وستانلي كوبريك، مع لمسات من جماليات ديفيد لينش. ومع ذلك، يُضيف الفيلم
لمساته الفريدة، مثل مشاهد مليئة بالدماء والنيون، مما يمنحه هوية مميزة. رغم أن بعض
اللقطات قد تبدو مبالغة أو مباشرة أكثر من اللازم، إلا أنها تخدم غرضها بإبراز المعنى
بشكل لا يُمكن تجاهله.
أداء تمثيلي مذهل بقيادة ديمي مور
تُقدّم ديمي مور أداءً عاطفياً عميقاً يجسد معاناة إليزابيث الداخلية.
من خلال نظراتها وحركاتها الصغيرة، تستطيع أن تُظهر مشاعر الإحباط، والرغبة في التمسك
بالشباب، والألم الناتج عن التغيرات التي تطرأ على حياتها. كذلك، تقدم مارغريت كوالي
أداءً ساحراً كنسخة شابة ومغرية، بينما يُضيف دينيس كويد نكهة كوميدية ومُبالغ فيها
كشخصية رئيسية شريرة.
عيوب تَحُول دون
الكمال في فيلم المادة The Substance 2024
رغم الجوانب الإيجابية العديدة، يُعاني الفيلم من بعض المشاكل. الحوار
في بعض الأحيان يبدو غير طبيعي، حيث أن الشخصيات الثانوية تبدو كأنها رموز أكثر من
كونها أشخاصاً حقيقيين. كذلك، يُمكن أن يكون الفيلم مطولاً في بعض أجزائه، خاصة في
النصف الأول الذي يُكرر نفس الفكرة عدة مرات قبل أن ينتقل إلى ذروته. ومع ذلك، فإن
النصف الأخير من الفيلم يعوّض عن أي عيوب، خاصةً مع نهاية ملحمية تجمع بين التراجيديا
والفكاهة والرعب.
النهاية: فوضى مُتعمّدة ومثيرة
خاتمة الفيلم هي الجزء الأكثر تميزاً وإثارة للجدل. مليئة بالدماء والفوضى،
تُعد النهاية مزيجاً من العنف والفن الساخر الذي يترك بصمة في ذهن المشاهد. قد لا تكون
للجميع، لكنها بالتأكيد تتماشى مع نبرة الفيلم الجريئة والمُبهرة.
خلاصة القول
فيلم فيلم المادة The Substance 2024 ليس تجربة عادية؛ إنه فيلم
مُخصص لمحبي السينما الجريئة التي تختبر حدود المألوف. إنه عمل يُمكن أن يُزعج البعض
لكنه بالتأكيد سيُثير إعجاب آخرين بفضل رسائله البصرية القوية وأداء فريقه المميز.
إذا كنت تبحث عن فيلم يجمع بين الفن والترفيه ويُثير النقاش، فإن المادة هو الفيلم
المثالي لهذا العام. لا تفوت فرصة مشاهدته، خاصةً إذا كنت تُقدّر النهايات المبهرة
التي تبقى معك طويلاً.
